Fri,Apr 19 ,2024

الثقافة كحل منسي

2020-12-24


أؤمن إن الثقافة هي جذر أساسي لكل المشكلات وحل جذري لها , وهي أرقى طريقة للتعبير عن الحقوق والدفاع عنها ونشرها والتثقيف بها والحفاظ عليها وتطويرها نحو الأفضل, وأن بناء الطفولة بناء المستقبل وأن الإستثمار في الطفولة هو الإستثمار الأكثر ربحية من ناحية المردود الحضاري, وخصوصا عند إستعمالنا للثقافة والفنون والآداب, ومحاولة إستثمار الإبداع لصالح لتنمية.

إن الثقافة هي كل شيء , هي المعرفة والمعتقدات والفنون والقانون والعرف، التي يكتسبها الإنسان بإعتباره عضوا في مجتمع, وهى المعارف والقيم والإلتزامات الأخلاقية، وطرائق التفكير والإبداع الجمالي والفني والمعرفي والتقني، وسبل السلوك والتصرف والتعبير, وهى الطرق السالكة لتمرير وإدماج مفاهيم الحقوق الإنسانية والحريات الاساسية والديمقراطية والتنمية, وهى الأهم لتفعيل المشاركة والتفاعل والتطور والإندماج.

من السيء على مستوى الحكومة اليمنية أن تصبح الثقافة من الأمور الهامشية بحيث يجد المطلع على الحراك الثقافي أن الثقافة تتجه لخدمة التوجهات أو الشخصيات العامة وهذا ما يوجه له الدعم الحكومي, بينما يجد المثقفون أنفسهم منجزون وراء المدارس الأدبية الجديدة, والغرق في الرمزية والتعقيد, والتي تبتعد بالثقافة والإبداع عن المجتمع, وكونها فعل قادر على التغيير والتنمية, وبالرغم أن الحكومة اليمنية منفتحة على التواقيع والمصادقات على الإتفاقيات الدولية والثنائية الخاصة بحقوق الإنسان والتنمية والحريات والثقافة ولكن بدون تفعيل حقيقي لهذه المصادقات ويدل على ذلك الكثير من التوصيات التي تبدو مكررة في كل تقرير دوري تقدمة الحكومة اليمنية أمام اللجان الدولية المتعلقة بذلك, وتبدو الحكومة اليمنية فى الداخل نشطة على مستوى تصميم استراتيجيات خاصة بالعديد من الفئات في اليمن, وتحاول هذه الاستراتيجيات تبنى قضايا الفئات التي تخدمها والتي تعتبر الثقافة مكونا ضمن مكوناتها ولكن لا يتم تفعيلها كما يجب.

إن الثقافة من الطرق المنسية والغير مفعلة في مقاربة الحقوق الإنسانية والحريات العامة والتنمية لدى المؤسسات الحكومية وغير الحكومية بالرغم أن اعتمادها كمساحة حرة يتم التعبير فيها بدقة عن أفكار وتأملات و عواطف وأحاسيس ومشاعر وأحلام سيحول رغبات المستهدفين لنمط حياة أفضل .

إن البعد عن الثقافة هو بعد عن أداة ذات أهمية فارقة تستطيع الدخول إلى خيال الفرد وتطلعاته لقربها من الروح الإنسانية و العادات والتقاليد المجتمعية والتراث الشفهي والمكتوب المشكل لحياة المجتمعات وتطلعاتها, واعتبارها سجل تاريخي يحافظ على حيوية الوقائع ونبض الإحداث للأفراد والجماعات, وداعم كبير للشعوب في طلبها لاستحقاقاتها في العدالة والحقوق والحريات والمساواة والكرامة الإنسانية, ورصد أنيق ومؤثر لإيقاعات الحياة اليومية, ورفع لأبجديات الحقوق والحريات من مستوى الوعظ والإرشاد والتوجيه والخطابة والرتابة والتقريرية إلى مستويات التأثير الإبداعي, وهي القادرة على تلبية تطلعات الإنسان فى حياة حرة وسعيدة ومستقرة تضمن الكرامة وتحرر الإبداع وتحقق وتوسع حرية التعبير عن الإرادات والخيارات المستقبلية, وهى المنفتحة على كل الأفراد والجماعات, وتتحد وتتقاطع مع الثقافات الأخرى لجماعات أخرى كالمرأة والطفل والمهمشين والريف والمدينة والمتعلمون والأميون , والثقافة وطريق واسع للحوار وفهم الأخر وتمكين الأخر من فهم الأنا بما يحقق الاستفادة المتبادلة .

من أجل كل ذلك يبدو أن نسيان الثقافة ودورها غير مفهوم ويدل على غباء من يسيطرون على القرار في الحكومات اليمنية المتعاقبة.