Sat,Dec 21 ,2024
استمعنا كثيرا فهل أفقدنا هذا ميزة الثرثرة
2020-12-24
الحوار يتطلب أول ما يتطلب الرغبة في الحديث , والصمت الطويل يغرى على الإستمرار فيه, والآباء في منطقتنا العربية وربما الأمهات يحبون صرف الوقت في الحديث عن الماضي الشخصي, وعن الأيام الماضية وجمالها وحلاوتها, ويحبون من أبنائهم الاستماع, وحالتي ليست حالة نادرة بل أغلب الظن أننا جميعا إستمعنا أكثر مما يجب للحكايات, واستمعنا أكثر مما يجب للماضي للحد الذي جعلنا هذا نستصعب مهمة الحوار.
إن الإستماع للآباء ليس المشكلة, بل بالعكس فكثيرا ما يكون الإستماع إليهم إثراء شخصي بالخيال ورغبة الآباء في الإدخال الضمني لقيم الشجاعة والصدق والحب والجمال في حكاياتهم مما يبني شخصياتنا, وربما هذا الإستماع أفقدنا ميزة الحوار إلا أنه أكسبنا ميزة الخيال .
إن المشكلة بالنسبة لي أننا تعودنا على الإستماع, وأصبحت المشاركة والحوار ذات صعوبة وتحتاج الكثير من التمرين في تحقيق للمثل القائل من شب على شيء شاب عليه, والأدهى أن الإستماع أنتقل معنا من البيت للمدرسة ومنها إلى الشارع ومنه إلى العمل ومن خلاله للمشاركة في الحياة بجميع أشكالها السياسية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية .
لقد أصبحنا نستمع لما يقوله الحاكم ونردده, ونستمع لمدرسينا في مناهج تعتمد مبداء التلقين والحفظ والإستماع المطلق دون مناقشة, و أصبحنا نستمع للكبار لمجرد أنهم كبار كعقال الحارات أو شيوخ الدين أو رأسماليينا ومثقفينا وكل من روج لنفسه أنه ناجح بحكاية عن ماضية يجب أن نستمع ونصغي له, لأننا من وجهة نظر الجميع لم نصل بعد لمرحلة أن نحكى حكاياتنا, وأغلب الظن أن هذه الميزة من وجهه نظر الكبار تحتاج بعض الشعر الأبيض وشخص يكون أدنى منا لنمارس عليه نعمة الثرثرة .
إن الحوار في وجهه نظري هو فرصة لنخرج كل ما احتفظنا به من أفكار لم نجد الوقت لإخراجها أمام أبائنا ومدرسينا وعقال حاراتنا وشيوخنا وحكامنا لإستلامهم الحديث على مدار الساعة, ولو كان ذلك على سبيل التمرين, وعسى مستقبلا أن نجد وقتا للحديث معهم و المطالبة بالحق في الثرثرة.