Sat,Dec 21 ,2024

أحوال الثقافة في مرحلة الصراع في اليمن

2020-12-24


اليمن دولة عربية يبلغ عدد سكانها أكثر من 25 مليون نسمة, وبمساحة تزيد عن نصف مليون كيلو متر مربع, وتعتبر من أفقر الدول في العالم بالرغم من الموارد الطبيعية التي تحتويها, والثقافة المتنوعة والمختلفة عن جميع ثقافات المنطقة, وخصوصا في الجانب التاريخي منه والأسطوري والعادات والتقاليد التي تعتبر ثروة ثقافية مهمة يمكن إستثمارها لتصبح من أهم الموارد الإقتصادية في البلد, وقد دخلت اليمن في وقت سابق مرحلة البناء التشريعي الجديد الذي يتوافق مع طبيعة مرحلة ثورة 2011م لتتم صياغة مجموعه من السياسات الثقافية ضمن الوثيقة الختامية لمؤتمر الحوار الوطني, والدستور لتتضمن مواد خاصة بالسينما, والمسرح, والإعلام, والإبداع الفكري, وحقوق الملكية الفكرية, ومكتبات الطفل, والإنتاج الفني, والإهتمام بالتراث الشفهي, والمكتوب, والآثار, والتطور المتحفي, والسياحة الثقافية, والصناعات الإبداعية.

ويعيب اليمن من ناحية الثقافة والسياسات الثقافية عدم الاهتمام بالتراث أو بالمنتج الثقافي أو بالتمويل الثقافي التي وصلت في أخر السنوات الى أدنى مستوى لها في التاريخ, وأيضا على مستوى العالم بنسبة لا تزيد عن 0001. % من الموازنة البالغة 13 مليار دولار, وتم دعم وزارة الثقافة بـ 937 مليون ريال وهو ما يزيد قليلا عن ثلاثة ملايين ونصف المليون دولار, ولا تزيد موازنة الثقافة عن 5%من موازنة مصلحة شئون القبائل, والتي تعطى موازناتها لشيوخ القبائل لضمان طاعتهم للسلطة المركزية, وممارسة التجهيل, والإحتفاظ بالممارسات الثقافية السلبية في المجتمع القبلي, وإرغام القرويين على إنتخاب الحكومات وطاعتها.

وقد تضررت اليمن من أحداث 2014م ودخول الحوثيين العاصمة صنعاء وهم المعروفين بكراهيتهم للثقافة والإحساس الشديد بالمؤامرة الكونية عليهم مما إستدعى معاداة المنظمات الدولية العاملة في اليمن وهروبها خارج اليمن ليصبح التعاون الثقافي الدولي في أدني مستوى له في تاريخ اليمن المعاصر, ومن ناحية أخرى واجه القطاع المستقل في اليمن الكثير من المشاكل المترتبة عن الصراع بحيث تم إغلاق عدد من القنوات وهروب الأخرون للبث من خارج اليمن بالإضافة الى إغلاق مقرات الصحف ومجموعه من مؤسسات المجتمع المدني الحقوقية والتنموية والثقافية, وإعتقال النشطاء الحقوقيين والصحفيين والمثقفين ومن ضمنهم كتاب قصة وشعراء وروائيين ليصبح القطاع المستقل إما كامنا لحين التوصل الى إتفاق سياسي يضمن رفع مستوى الحرية, أو مغلق, أو مدجن ومرغم على ترويج الطبقية, والمذهبية.

وبسبب من الحرب والصراع الدائر في اليمن أصبحت حرية التعبير في مأزق شديد مع تدني مستوى أداء وإيمان المؤسسات الحكومية بحرية التعبير, وخضوعها للسلطات الدينية والقبلية مع ارتفاع سقفها أو إنخفاضه بحسب الجماعة المسيطرة على منطقة من المناطق اليمنية فالقاعدة في الجنوب تبدو أكثر عدائية من الحوثيين في الشمال تجاه حرية التعبير.

ومع ذلك فهناك الدعم الحكومي من قبل صناديق تدعم الجانب الثقافي وهي من مخلفات النظام السابق الجيدة والتي بالرغم من وقوعها في الفساد طوال مدة عملها كصندوق التراث, وصندوق النشء والشباب, وصندوق تنمية المهارات, والتي تقدم بناء القدرات والتمويلات لبعض الفعاليات الثقافية الشبابية أو الحكومية ولكن هذا لم يكن داعما بشكل كبير للتعليم الفني أو الثقافي, ومن ناحية أخرى تختفي التخصصات الثقافية في التعليم الأساسي و الجامعي مع ندرة ندرة كليات الفنون في اليمن, وقد غطت مؤسسات المجتمع المدني بعض القصور برغم بدائيتها هي نفسها في العمل الثقافي وإفتقادها للخبرة في الإدارة الثقافية واجتذاب التمويل الثقافي لكي تمارس تأثير ثقافي إيجابي حقيقي ومتطور, ومما يؤسف له أن البيوت الثقافية في اليمن كالعفيف والنعمان وعائلة هائل سعيد أنعم إما قل نشاطها كمؤسسة العفيف الثقافية أو توقفت كمؤسسة النعمان الثقافية أو تدمرت في الحرب كمؤسسة السعيد الثقافية فى تعز.

 

إن الثقافة في اليمن حاليا تمر بفترة عصيبة نتيجة الصراع في اليمن من جانب والعدوان على اليمن من جانب أخر, ويجب العمل بشكل جاد على دعم الثقافة في هذه المرحلة العصيبة التي تمر بها , وأن تصبح الثقافة أحد التوجهات الرئيسية في العمل الإنساني في اليمن.